lundi 21 novembre 2011

مـــــــــــــا الحياة ؟......

مـــــــــــــا الحياة ؟......
كثيرا ما تستوقفني حالة الفزع والنحيب التي يطلقها الكثيرون يبكون ذكرى فراق أليم او فشل حبٍّ قديم او تجربة ظلَّ اليها الحظّ والفرح سبيل، وهذا ما دفعنى للتساؤل :
هل الانسان يعيش عمراً ام اعماراً ويحيى حياة أم حيوات ؟
لماذا يقدسّ الانسان الفشل والألم ؟
هل هو من جعل نفسه رهينة ونذر عمره وقفاً على تجربةٍ مريرة ؟
هل العجز مانعهُ من المواصلة... بل بدىء مشوار جديد أم انه يستلذُّ ذاك السجن المكين؟

هذه الاسئلة وغيرها وإن كانت تتيح لي الوقوف على أسباب ذلك الا انها تجعلني أفكر في الموضوع بشكل آخر وربما مختلف تماماً، فمن وجهة نظري الخاصة إن ما يمرّ به الانسان من تجربة او تجاربُ فشلٍ اي كان شكلها ولونها وطعمها إنما هي تمدنا باكسيرِ حياة جديد.
فعوض أن ننظر اليها بعينٍ سوداوية وقلبٍ حزين مُنفطر نقلبها علي الوجه الآخر ونجعلها نقطة انطلاق لمشوارٍ وعُمر جديد.
الفشل هو المولد الحقيقي للنجاح، وهو دافعنا للبحثِ عن مخرجٍ وحلّ وبالتالي يُحيلنا الفشل من ساحة القلب الى محكمة العقل.

فكلما اخذنا موقعاً بعيداً عن الحالة تسنى لنا الرؤية الواضحة والتي تمكننا من الوقوف على العاهات والتشوهات وربما مساوىء التجربة السابقة، إذ أننا في خضمِ العاطفة تنعدم البصيرة تماماً ونُريد رؤية ما نُحب وليس ماهو كائنٌ وموجود فعليا، فكأن الانسان يستلذ بالعيش على وهمِ ما يشعر به. واعتقد ان مع صدمة الامتصاص الاولى لعواقب التجربة السابقة يسترد الانسان عافيته من حيث استعادة توازن الرؤية لديه.
اذاً هذه التجربة وإن كانت فاشلة وتطفح بالمرارة إلا أنها تجعل منّا إنسانا آخر ليس بالضرورة يعيش على أنقاض ما سبق أو على هامش الحياة بل تمده بالتجربة والحنكة والصلابة وبُعد النظر والرؤية عند الاختيار. كما أن الفشل يجعله يبحث في داخله على مقومات المناعة. فكم من حالات فشل كشفت عن قدرات وإمكانات كانت مكنونة في اعماق الانسان وما تفطنّ اليها يوما. فالفشل كان جسراً من نفسه اليها وليس بمعنى السجن والانغلاق وانما بمعنى الانفتاح عليها واعادة تأهيلها من جديد. هذا الفشل يتولد من رحمه انسان جديد لا تثنيه عقبات قادمة او تجعله يترنح يمنة ويسرة بل تجعله كالسدّ المنيع.
لنفترض أن حياة الانسان خطّ واحد مستقيم بلا متعرجات او عثرات او انكسارات أو ألام أو فشل فكيف ستكون حاله من الرتابة والملل ومذاق وطعم واحد وتوقف التفكير البناء بل لربما ضاق ذرعاً بهذه الحياة. لذلك أرى أن من نعم الله على الانسان أن جعل لحياته خطوطاً ومتعرجات حتى يكتشف إمكاناته ويُفجر مواهبه ويستثمر التجارب السابقة لتوليد تجربة جديدة تكون امتن واقوى من الاولى. وتحمله من حال إلى آخر ومن حياة الى أخرى فالحياة هدم وبناء وتأسيس و ليست وقوفاً على الأطلال.
الانسان إذاً يعيشُ أعماراً وحيوات فلما يجعلُ عُمره حبساً ووقفاً على مرحلة واحدة وتجربة واحدة وذكرى واحدة وحُزن واحد ......لما لا يخرج من كهفِ نفسه؟ فمن نعم الله علينا انه منحنا أعماراً وأطواراً وحيوات لِنحتِ كينونتنا ضمن المسيرة الوجودية.